سيرة الامام الحسين

نَسَبُ الإِمَامِ الْحُسَيْنِ(ع)

هو الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب بن عبد الطلب بن هاشم، وهو السبط الثاني لرسول الله محمد بن عبد الله(ص) وثالث أئمة الهدى، وخامس أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. وهو أشرف نسب تشهده البشرية منذ عهد آدم(ع) فقد أحيط بالنسب الشريف من كل جانب، فجده لأمه رسول الله(ص)، وجده لأبيه مؤمن آل قريش أبو طالب(ع)، وأبوه الإمام الأعظم علي بن أبي طالب(ع)، وأمه الصدّيقة الطاهرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(ع)، وأخوه الحسن المجتبى سيد شباب أهل الجنة، وأولاده أئمة الهدى ومصابيح الكون وهم زين العابدين، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق، وموسى الكاظم، وعلي الرضا، ومحمد الجواد، وعلي الهادي، والحسن العسكري، والحجة المنتظر صلوات الله عليهم أجمعين. ولا نعلم نسباً أطهر وأعظم وأنقى وأرقى وأتقى من هذا النسب الفريد من نوعه في هذا الوجود.

الاسم: الحسين ابن علي

الولادة:في الثالث من شهر شعبان للسنة الرابعة من الهجرة

سنة الاستشهاد:وفي العاشر من شهر محرم الحرام عام واحد وستين للهجرة

الام: السيدة فاطمة الزهراء(ع)

وِلادَةُ الإِمَاْمِ الْحُسَيْنِ(ع)

مع ولادة هذا العظيم وُلد أمل كبير للأمة، وشع نور ساطع في أرجاء العالم لأنه(ع) كان نوراً في كل ما قام به طيلة حياته الشريفة. لقد ولد(ع) في المدينة المنورة في الثالث من شهر شعبان للسنة الرابعة من الهجرة بعد ولادة أخيه الحسن المجتبى بسنة على وجه التقريب. وعند خروجه إلى هذه الحياة تلألأ وجه رسول الله(ص) فرحاً وسروراً، ولكنه كان فرحاً مشحوناً بالأسى والحزن حيث ولد الحسين ليكون الشهيد المقطع جسده فوق أرض الطف. لقد ولد الحسين(ع) في بيت الوحي والنبوة والطهارة والنزاهة..ولد في بيت كانت ملائكة الرحمن تتنزل إليه لتتبرك بأهله الكرام الذين جعلهم الله تعالى سادات الورى في الدنيا والآخرة. عندما ولد الإمام الحسين أخذه النبي الأعظم(ص) والفرحة الخاصة تملأ وجهه الكريم فأذّن في أذنه اليمنى ثم أقام في اليسرى ليكون أول كلام يخترق مسمعه الشريف هو ذكر الله ورسوله. وقد كان لذلك أثر كبير حيث جبلت روحه بذكر الله ورسوله، وأطاع الله ورسوله حتى أتاه اليقين. وترعرع(ع) في منزل العلم والفهم والتقوى، وتغذى على المعارف الإلهية والدروس الرسالية التي تلقاها قبله أبوه وأخوه. ويكفيه فخراً أنه نشأ في رعاية جده الأعظم وتخلق بأخلاقه وحمل علمه وصفاته حتى كان كأنه جده في جميع مراحل حياته.

لم تكن ولادات العظماء كغيرها وإنما كانت تحمل معها معان عميقة وإشارات كان من الصعب تفسيرها قبل أوانها، كما حصل عند ولادة الإمام علي بن أبي طالب(ع) الذي وضعته أمه في جوف الكعبة، فلم يدرك الناس معنى هذه الكرامة إلا بعد ما ظهر منه في حياته ما ظهر من الفضائل والكرامات والبطولات. ولأجل ذلك لا ينبغي علينا أن نهمل أي حدث من أحداث عظمائنا كيلا يفوتنا شيء من الفوائد المرجوة، وقد حدث عدة أشياء عند ولادة الإمام الحسين(ع) يجدر بنا الوقوف عندها

لقد تعلم المسلمون من رسول الله(ص) دروساً تتعلق بشأن الطفل يوم ولادته، وهي ذات آثار كبيرة عليه في الكبر، فقد أخذ حفيده الحسين وأذّن له في أذنه اليمنى ثم أقام في اليسرى لتنطبع تلك الكلمات العظيمة في قلبه وتتماشى معه طيلة أيام حياته، وقد جعل الفقهاء تلك المراسم من المستحبات الأكيدة لما تحمل للطفل من فوائد معنوية كبرى تنعكس إيجابياً عليه في حياته.

تَسْمِيَةُ الإِمَامِ الْحُسَيْنِ(ع)

من حق الولد على والده أن يختار له إسماً يحمله مدى الحياة، والأفضل أن يختار له الأسماء الشريفة التي تحمل معان عظيمة. وقد كانت تسمية الإمام الحسين(ع) مميزة عن غيرها لأنها حصلت بوحي من الله سبحانه وتعالى، فقد قال رسول الله(ص) لعلي(ع) هل سميته؟فقال(ع) ما كنت لأسبق رسول الله في ذلك، فهبط الوحي على النبي بهذا الإسم العظيم، فالتفت النبي إلى علي وقال له:سمّه حسيناً:

الإِمَامُ الْحُسَيْنُ(ع) فِيْ الْقُرْآنِ الْكَرِيْم

من الفضائل الكبرى لأبي عبد الله الحسين(ع) أنّ الله سبحانه قد ذكره في كتابه المجيد مادحاً له وآمراً الجميع بالتمسك في حبله حبل الله المتين والصراط المستقيم. ففي أواسط سورة الأحزاب بيّن القرآن المجيد عصمة النبي وآله من كل خطأ وعيب ونقص حيث يقول(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وقد أجمع المفسرون على كونها نزلت في النبي وآله عندما جلسوا تحت الكساء في بيت زوجته الفاضلة أم سلمة. ولم تسلم هذه الآية المباركة والمحكمة من التحريف وتجيير معناها إلى المصالح القائمة على الحقد والعمى، فذكروا لسبب نزولها أموراً لا يليق ذكرها ولا الرد عليها لأنها لا تستحق الإعتناء، ولكن الذين يرغبون بالتعرف على تلك الآراء فعليه أن يرجع إلى كتب التفسير المطولة والصحيحة. وفي سورة الشورى أمر الله عز وجل كل المسلمين بمودة القرابة لرسول الله(ص) وقد بيّن الرسول في مواضع عديدة أن قرابته هم علي وزوجته وولداه. قال تعالى في هذه القرابة(قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) وقد أشار أمير المؤمنين علي(ع) إلى كونه ممن اختصه الله تعالى بتلك القرابة حيث قال في نهج البلاغة:ولقد علمتم موضع من رسول الله(ص) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة... والإمام الحسين(ع) مشمول بتلك القرابة فهو ممن تجب مودته بأمر من الله سبحانه. وقال تعالى(فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندعو أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) وقد نزلت هذه الآية الكريمة عندما باهل رسول الله(ص) نصارى نجران، وقد ذكر المفسرون والمؤرخون بأن النبي(ص) قد جمع أمام وفد نجران علياً وفاطمة والحسن والحسين فكان المقصود بقوله تعالى(أبناءنا) الحسن والحسين، وبقوله(نساءنا) فاطمة بنت محمد(ع)، وبقوله(أنفسنا) علي بن أبي طالب(ع). وكذلك نزلت سورة كاملة في بيان عظمة هؤلاء الأربعة الذين اختصهم الله تعالى لنفسه وفضّلهم على خلقه. هكذا نظر القرآن الكريم إلى الإمام الحسين(ع) الذي يجب على كل المسلمين أن ينظروا إليه نظرة مشابهة للنظرة القرآنية.

كَلامُ الْنَّبِيّ(ص) فِي الإِمَامِ الْحُسَيْن(ع)

قال رسول الله(ص) في الإمام الحسين:

حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً

الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.

الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا

خير رجالكم علي بن أبي طاب، وخير شبابكم الحسن والحسين، وخير نسائكم فاطمة بنت محمد

سمع رسول الله(ص) بكاء الحسين فقال لابنته:ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني

الحسن والحسين إبناي، من أحبهما أحبني، ومن احبني أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله الجنة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار

إِخْبَارُ الْنَّبِيِّ(ص) بِمَصْرَعِ الْحُسَيْن(ع)

لم تكن شهادة الإمام الحسين(ع) في أرض كربلاء بالأمر المستغرب لدى أكثر المسلمين وبالأخص من سمع منهم كلام رسول الله حول استشهاد الإمام الحسين في العراق. وقد أخبر النبي(ص) جميع المسلمين بالجريمة الشنيعة التي سوف ترتكبها الفئة الباغية على أرض كربلاء، ولذلك دخلت أم الفضل بن العباس على رسول الله(ص) وقالت: يا رسول الله، رأيت البارحة حلماً منكراً، فقال(ص):وما هو؟ قالت:رأيت كأنّ قطعة من جسدك قُطعت فوضعت في حجري: فقال(ص):خيراً رأيت، تلد فاطمة غلاماً يكون في حجرك، فولدت فاطمة الحسين عليهما السلام، قالت أم الفضل: فكان في حجري كما قال رسول الله(ص) فدخلت به هليه فوضعته في حجره ثم حانت به مني التفاتة فإذا عينا رسول الله تدمعان، فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال(ص) جاء جبرائيل فأخبرني أن أمتي ستقتل إبني هذا وأتاني بتربة من تربة حمراء. وقال(ص)"إن ابني هذا يُقتل بأرض من أرض العرق يقال لها كربلاء"

سَخَاءُ الإِمَامِ الْحُسَيْن(ع) وَجُوْدُهُ

قبل ذكر أي صفة من صفات المعصوم(ع) ينبغي أن نضع نصب أعيننا أنه متصف بأكمل الصفات وأرقاها لأنه دون مستوى الخالق وفوق مستوى المخلوق. ومهما حاولنا أن نبين حجم سخائه وكرمه فلن نبلغ المستوى المطلوب في ذلك، ولكننا نذكر شيئاً قليلاً من باب التبرك بذكر هذه الخصال.

1- لقد دخل الإمام الحسين(ع) على أسامة بن زيد في مرضه الذي مات فيه، ولمّا استقر به المجلس قال أسامة: واغماه: فقال له الإمام(ع) وما غمك؟ فقال أسامة:دَيني، وهو ستون ألف درهم: فقال(ع) هو عليَّ: فقال أسامة: أخشى أن أموت قبل أن يقضى: فقال(ع) لن تموت حتى أقضيها عنك: فقضاها(ع) قبل موت أسامة.

2- مرّ الإمام الحسين(ع) بمساكين يأكلون، فدعوه إلى الأكل معهم، فنزل من على فرسه وشاركهم طعام الغداء وهو يقول:إن الله لا يحب المتكبرين: وبعد الإنتهاء من الأكل قال لهم(ع) قد أجبتكم فأجيبوني: فقالوا نعم، فمضى بهم إلى منزله فقال للرباب:أخرجي ما كنت تدّخرين:

الثورة الكربلائية أشهر منعطف في تاريخ الحسين(ع)

لقد بلغت ثورة كربلاء من الشهرة في تاريخ البشر حداً لا يمكن لأحد أن ينكره مما جعلها الحدث المميز في تاريخ الإمام الحسين(ع) والثورة الأهم من بين ثورات العالم كله. ولا يحق لأحد من الناس أن يستهين بقدر هذه المحطة الكبرى التي كانت بداية عهد مشرق للإسلام والمسلمين. لقد شكّلت ثورة الإمام الحسين في كربلاء المقياس الأساسي للمقارنة بين الحق والباطل بحيث كان الشبيه لها من الحق والمخالف لشيء منها من الباطل. لقد تحولت تلك الثورة بجهد الإمام وحكمته وشجاعته وإخلاصه إلى مصدر موثوق يرجع إليه المتحيرون في أمرهم. والثورة التي تحتل هذه المرتبة العالية في نظر العالم والتاريخ لا شك بأنها أعظم حدث في هذا الوجود. وبفضل هذه الثورة إستطاع الناس أن يميزوا بين الخير والشر من خلال عرض الواقعة على واقعها، فهي تشكل الفصل بين المتنازعين على الحق لأنها وضعت قواعد تكشف عن هوية الظالم بكل سهولة، وإن تستر الظالم بثوب الحق والإسلام فإنه مهما أحكم الغطاء فلن يكون بمستوى الغطاء الذي تستر به يزيد بن معاوية والذي استطاع الإمام الحسين(ع) بموقفه الحق أن ينزع ذلك الستار عنه ويكشف للناس عن حقيقته. إننا نقتدي بالحسين ونحيي ذكرى عاشوراء ونبذل في سبيلها كل غال وزهيد، ولكن هذه الأعمال لا تعطي تقصيرنا تجاه المعرفة شرعية أو مبرراً. لا يجوز لنا كمؤمنين بالإمام الحسين(ع) أن نهتم بجانب من حياته ونهمل الجانب الآخر لأن الفائدة الكبرى قد تكمن خلف الجانب الذي أهملناه. فإذا كان الإمام الحسين عظيماً لهذه الدرجة فلا ينبغي أن نهمل حرفاً واحداً من سيرته الكاملة حيث أن كلمة واحدة صدرت منه قد تكشف لنا أسراراً كبرى حول ثورته المباركة. إن جميع الناس على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم يهتمون بشؤون عظمائهم فلا يهملون من آثارهم شيئاً ولا يقصرون بأمر ولو كان في نظر البعض تافهاً. ينبغي علينا أن نهتم بكل ما قاله الإمام الحسين أو فعله، وبكل ما قيل فيه من قبل العظماء الذين أدلوا بشهادات لصالح هذا الإمام العظيم مما كشف لنا عن كونه أعظم العظماء. ولو صدر عن الإمام مزحة وجب علينا الإهتمام بمعانيها لأن فيها فائدة، فإذا لم تكن الفائدة حالية فهي لا شك سوف تظهر في المستقبل لأن الإمام الحسين(ع) لا يصدر عنه إلا ما فيه لله رضا وللناس منفعة في الدنيا والآخرة. كيف نقبل أن يهتم الناس بعظمائهم ولا نهتم نحن بعظمائنا غم علمنا بأنه عظماءنا أعظم وأفضل لأنهم استمدوا تلك العظمة من طرق رسمها الله عز وجل لهم. أيها الأعزاء..إن ثورة كربلاء أعظم ثورة وأهم حدث، فهي سبب بقائنا ومصدر عزتنا وكرامتنا في هذه الحياة، ولكن ذلك لا يدفع إلا الإهتمام بوقائع الثورة دون الوقائع التي سبقتها والتي كان لها أثر في نجاحها. قد يكون سبب نجاحها امراً حدث في طفولة قائدها، وليس من العجيب أن يكون ذلك صحيحاً لأن حياة المعصوم واحدة يرتبط أولها بآخرها ويتصل صغيرها بكبيرها، فلا يجوز أن نولي اهتماماً للكبير ونهمل الصغير لأننا لو بحثنا في أعماق هذا الصغير ودرسنا جميع حيثياته لوجدنا كبيراً. ولا يمكن أن نصل إلى الأعلى إلا من خلال الأسفل، ولا نستطيع أن نعرف الحق إلا بمقارنته مع الباطل. ثم إن هناك أحداثاً صغيرة جرت مع الحسين في حياته لو ربطنا بعضها ببعض لتكون منها مفاهيم كبرى وأركان عظيمة لهذه الحياة.

وَدَاعُ الْحُسَيْنِ(ع) لِقَبْرِ جَدِّهِ(ص)

لم يترك الإمام الحسين(ع) مدينة جده من دون أن يودعه لآخر مرة في حياته لأنه كان يدرك بأنها الزيارة الأخيرة لهذا القبر الشريف. لقد ذهب إلى قبر جده ووقف أمامه وصلى ركعتين ثم دعا ربه بكلمات أنبأت عن معرفته لكل ما يحاط به، وأن الأمويين قد حكموا عليه بالموت هو ومن يناصره فقال(ع):أللهم هذا قبر نبيك وأنا ابن بنت نبيك، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، أللهم إني أحب المعروف وأنكر المنكر، وأنا أسألك يا ذا الجلال والإكرام بحق القبر ومن فيه إلا ما اخترت لي ما هو لك رضى ولرسولك رضى: بهذه الكلمات العظيمة والمؤثرة ودّع الإمام الحسين(ع) قبر جده الأعظم محمد(ص) وقد سجل تلك الشهادة العظيمة عند القبر الشريف ليكون شهيداً على القتلة يوم الحساب

رُفَقَاءُ الإمَامِ الْحُسَيْنِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ

أبو بكر بن الإمام علي(ع)

أبو بكر بن الإمام الحسن(ع)

جعفر بن الإمام علي(ع)

جعفر بن عقيل

الحسن المثنى

زينب بنت علي(ع)

العباس بن علي(ع)

عبد الرحمن بن عقيل

عبد الله بن علي(ع)

عبد الله بن الحسن(ع)

عبد الله بن الحسين

عبد الله بن مسلم

علي الأكبر(ع)

عون بن عبد الله بن جعفر

القاسم بن الحسن

محمد بن أبي سعيد بن عقيل

محمد بن عبد الله بن جعفر

خَرِيْطَةُ مَسِيْرِ الْقَافِلَةِ مِنَ الْمَدِيْنَةِ حَتَّى مَكَّةَ ثُمَّ إِلَى كَرْبَلاء

لقد دامت الرحلة بضعة أشهر لأن المسافة بين المدينة ومكة تبلغ أكثر من أربعمائة وخمسين كيلو متراً، هذا بالإضافة إلى المحطات التي استوقفت الرحلة لأسباب كثيرة. انطلق الموكب من المدينة المنورة حتى وصل بعد سفر طويل إلى مكة المكرمة، وهناك بدأ الإنطلاق الثاني باتجاه كربلاء، وقد خرج الإمام الحسين(ع) من مكة المكرمة في الثامن من شهر ذي الحجة سنة ستين للهجرة ووصل إلى كربلاء في أوائل شحر محرم الحرام من سنة واحد وستين هجرية.

بِدَايَةُ الرِّحْلَةِ نَحْوَ مَوْقِعِ الشَّهَادَة

وسار الموكب الطاهر أهله نحو أرض الشرف والكرامة، نحو أرض الجهاد والشهادة للقيام بالمهمة العظمى والثورة الكبرى تلبية لأمر الله بالجهاد والدفاع عن الحق وأهله. لقد سار المؤمنون ووجوههم مبتسمة ونفوسهم فرحة بلقاء الله وهم مضرجون بدم الشهادة. أما الذين تخلوا عن الحسين وتخلفوا عن موكب الحق فقد بقيت وجوههم مسودة كنفوسهم حتى أدركهم الموت الذي كان بالنسبة لهم أذل من الحياة الذليلة التي تحت حكم يزيد والتي فضلوا على فريضة الجهاد التي هي طريق العزة لله ورسوله وللمؤمنين. وتحرك الموكب المبارك في شهر ذي الحجة وقد مر الموكب في مناطق عديدة حيث كان للإمام الحسين(ع) عدة مواقف في تلك القرى والمدن التي صادفت طريقهم نحو أرض الجهاد. ولا بأس بأن نذكر تلك المناطق على وجه الإختصار حفاظاً على الفائدة والبحث في آن واحد، وسوف نذكر تلك المناطق بالتسلسل الجغرافي فنبدأ من مكة وصولاً إلى كلابلاء. التَّنْعِيمُ الصّفَاحُ وَادِي الْعَقِيْق الْحَاجِرُ الخُزَيْمِيَّة زَرُوْد زُبَالَة بَطْنُ الْعَقَبَةِ شِرَاف ذُو حَسْمِي الْبَيْضَةُ عُذَيْبُ الهَجَّانَات قَصْرُ مُقَاتِل كَرْبَلاءُ بعد مسير دام عدة أشهر وصل الموكب العظيم إلى موضع شهادة أهله وقد وصلوا إليها في أوائل شحر محرم عام 60 للهجرة. وفي العاشر من شهر محرم الحرام عام واحد وستين للهجرة استشهد الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه دفاعاً عن الإسلام، وقد دفنت أجسادهم الطاهرة في ذلك المكان المبارك.

زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفوَةِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَّبِيِّ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبرَاهِيمَ خَلِيلِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللهِ ، اَلسّّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَلِيِّ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ مُحمَّدٍ المُصْطَفَى ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابنَ عَليٍّ المُرْتَضَى ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ فاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ خَدِيجَةَ الْكُبْرَى ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ اللهِ وَابْنَ ثَأْرِهِ وَالْوِتْرَ الْمُوْتُورَ ، أَشهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ ، وَأمَرْتَ بِالْمَعرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ ، وَأَطَعْتَ اللهَ وَرَسُولَهُ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ ، فَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً قَتَلَتْكَ ، وَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ ، وَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً سَمِعَتِ بِذَلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ ، يَا مَولايَ يَا أَبَا عَبدِ اللهِ أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي الأَصْلابِ الشَّامِخَةِ وَالأَرْحَامِ المُطَهَّرَةِ لَمْ تُنَجّسْكَ الْجَاهِلِيَّةُ بِأَنْجَاسِهَا ، وَلَمْ تُلْبِسْكَ مِن مُّدْلَهِمَّاتِ ثِيَابِهَا ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ دَعَائِمِ الدِّينِ وَأَرْكَانِ الْمُؤمِنِينَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ الإِمَامُ البَرُّ التَّقِيُّ ، الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ ، الْهَادِيُ الْمَهْدِيُّ ، وَأَشهَدُ أنَّ الأَئِمَّةَ مِن وُّلْدِكَ كَلِمَةُ التَّقْوَى ، وَأَعْلامُ الْهُدَى وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقَى ، وَالْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ الدُّنيَا ، وَأُشهِدُ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ وأَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ أَنِّي بِكُم مُؤمِنٌ وَّبِإِيَابِكُمْ مُوْقِنٌ بِشَرَائِعِ دِينِي وَخوَاتِيمِ عَمَلِي وَقَلْبِي لِقَلْبِكُم سِلْمٌ وَأَمْرِي لِأَمْرِكُم مُتَّبِعٌ ، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْكُم وَعَلَى أَرْوَاحِكُم وَعَلَى أَجْسَادِكُم وَعَلَى أَجْسَامِكُم ، وَعَلَى شَاهِدكُم وَعَلَى غَائِبِكُم وَعَلَى ظَاهِرِكُمْ وَعَلَى بَاطِنِكُمْ . بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَابْنَ رَسُولِ اللهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ ، لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ وَجَلَّتِ الْمُصِيبَةُ بِكَ عَلَيْنَا وَعَلَى جَميعِ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ ، فَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً أَسْرَجَتْ وَأَلْجَمَتْ وَتَهَيَّأَتْ لِقِتَالِكَ ، يَا مَوْلايَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ قَصَدتُّ حَرَمَكَ ، وَأَتَيْتُ إِلَى مَشْهَدِكَ ، أَسْألُ اللهَ بِالشَّأْنِ الَّذي لَكَ عِنْدَهُ وبِالْمَحَلِّ الَّذِي لَكَ لَدَيْهِ ، أَن يُّصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَّآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن يَّجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . ثمّ قم وصِرْ إلى عند رجلَيْ القبر وقفْ عند رأس عليّ بن الحسين ـ عليه السلام ـ وقلْ : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يابْنَ رَسُولِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يابْنَ نَبِيِّ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يابْنَ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمَظْلُومُ وَابْنُ الْمَظْلُومُ ، لَعَنَ اللهُ أُمَّةً قَتَلَتْكَ ، وَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ ، وَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً سَمِعَتْ بِذلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ . ثم انكب على القبر وقل : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللهِ وَابْنَ وَلِيِّهِ لَقَدْ عَظُمَتِ الْمُصِيبَةُ وَجَلَّتِ الرَّزِيَّةُ بِكَ عَلَيْنَا وَعَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً قَتَلَتْكَ ، وَأَبْرَأُ إِلَى اللهِ وَإِلَيْكَ مِنْهُمْ . ثمّ توجّه إلى الشهداء وقلْ : اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَوْلِيَاءَ اللهِ وَأَحِبَّاءَهُ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَصْفِيَاءَ اللهِ وَأَوِدَّاءَهُ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَنْصَارَ دِينِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَنْصَارَ رَسُولِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَنْصَارَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَنْصَارَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَنْصارَ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَلِيِّ النَّاصِحِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَنْصَارَ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي ، طِبْتُمْ وَطَابَتِ الأَرْضُ الَّتِي فِيهَا دُفِنْتُمْ ، وَفُزْتُمْ فَوْزاً عَظِيماً ، فَيَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَكُمْ فَأَفُوزَ مَعَكُمْ .